فکر و تنمیة

الجندر (النوع الإنساني)

خلق الله الإنسان سميعاً بصيراً وهداه السبيل الذي يوصله إلى سعادته الدنيوية والأخروية، كما جاء في قوله تعالى: {إِنّٰا خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشٰاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنٰاهُ سَمِيعاً بَصِيراً إِنّٰا هَدَيْنٰاهُ السَّبِيلَ إِمّٰا شٰاكِراً وَ إِمّٰا كَفُوراً}

وأي سبيل ينال فيه هذه السعادة إن لم يكن على سلم الكمال المطلق الذي ينسجم مع فطرته النفسية والبدنية، ولم يكن لمن خرج عن هذه الفطرة له موطأ قدم  على هذا السلم بقدر ما أنّه يتسافل لا غير، لاّن ما عليه الخلقة في البشر كانت أنثى و ذكر، جاء في سورة الحجرة قوله  تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ}.

وفطرة الله وسننه جارية في خلقه لا تبديل فيها جاء في قوله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}.

وحينئذ فكل ما يكون على خلاف هذه السنن فلم يكن على الطريق المستقيم ولا هو منسجم مع هذه الفطرة، ولا مما يرتضيه الله، فتغييره لم يكن في خانة الصواب ولا يمكن أن يكون في سبيل الكمال، بقدر ما أنّه تسافل في تسافل، فالذَكَر لا يتكامل بغير صفاته، ولا يوجد لتكامله محط قدم على سلم الأنثوية، وكذلك هي الأنثى فلم يكن لها  تكامل في سلم الذكورية.

⭐ كل ما يكون على خلاف هذه السنن فلم يكن على الطريق المستقيم ولا هو منسجم مع هذه الفطرة، ولا مما يرتضيه الله، فتغييره لم يكن في خانة الصواب ولا يمكن أن يكون في سبيل الكمال، بقدر ما أنّه تسافل في تسافل

والخروج عن هذه الفطرة لم يكن له سبيل واحد ولا في مجال واحد بقدر ما أنه يتعدد بتعدد الصفات والعلامات التي تنسجم  مع الفطرة التي فطرها الله في أي معنى من المعاني.

 ومن ضمن هذه المعاني كان بل أهمها في هذا العصر هو ما جاء بمعنى الجنس بنوعيه ذكر وأنثى، حيث إنّ هذا الشيء أخذ يضطرب في الآونة الأخيرة  عند بعض المجتمعات، بل في عقول بعض المتمردين على الفطرة التي فطر الله الناس عليها ليكون تحت خيار الفرد بما هو كائن بشري يشتمل على كلا الخصوصيتين بالقوة والاستعداد، لينحدر بإرادته نحو ما ينسجم معه شعورياً أو عاطفياً نحو الجنس الذي يختاره، حتى وإن كان على خلاف  الحقيقة والفطرة التي فطره الله عليها.

 فليكن حينها الذكر أنثى بمعنى أنّه يقوم بدورها بالمعنى الذي يرتضيه لتكون هي بدورها مؤدياً لنفس الدور الذي ينسجم مع  أحاسيسها، لتؤدي دور الذكر بالطريقة التي ترتضيها تحت أي من المسميات بما هي مصطلحات لا غير وبألفاظ متعدد لمعنى واحد يقتضيه الحال الاجتماعي بتلميعه ببعض الحروف التي تخرجه من الاستهجان.

 فربما كان مصطلح المخنث مُستهجنا في حينه ليتحول إلى عنوان المثلية لتكون له مقبولية لا غير لحينما يتم استهجان هذا اللفظ اجتماعياً، فتُطلق على نفس هذا المعنى عدة مصطلحات لتخرجه من هذا الاستهجان فيكون مقبولاً في محطة من المحطات تحت مسمى النوع الاجتماعي مثلًا والمعروف بالجندر أو الجندرة التي هي بنفسها حاول مروجوها وضع معاني أخرى لها مداراة للوضع الاجتماعي في كل مكان وزمان، لتكون مقبوليتها بصورة تدريجية وغير صادمة فيرتضيها به ولا يستهجنها الناس.

  • مفهوم الجندر:

هو  كناية عن الجنس في استخدامه الحديث، وفقاً لما  جاء في قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية، لا سيما في المنظور النسوي، ويقصد فيه بالغالب التشديد على الفوارق البيولوجية بين الجنسين، وهذا لم يكن بالجديد حيث إنّه ظهر في ستينات القرن الماضي.

والجندر على أنواع  ولم ينحصر بنوع  واحد لتأرجحه بين ثنائيي الجنس والمتغيرين جنسياً وحتى المتشبهين بالنساء من ناحية الملبس وموضة الشعر وما إلى غير ذلك.

وأطلق عليه لفظ النوع الاجتماعي  لما فيه من أدوار اجتماعية بين الجنسين وما يقع عليها من تغيير تبعاً للمكان  والزمان.

  • الآثار السلبية لهذه الظاهرة

من أثار هذه الظاهرة فإنّها تُؤثر على شخصية الفرد بصورة  مباشرة من زاوية، وعلى  مجتمعه بصورة غير مباشرة، وفي نفس الوقت هناك من الآثار التي تؤثر على المجتمع بصورة  مباشرة  وعلى الفرد بصورة  غير مباشرة.

  • تأثيره على المجتمع

مثل هكذا مشاكل تنتج بسبب عدم ملائمة المتحول لوظيفته التي يرتضيها له مجتمعه وبما لا يتوافق مع فسلجة جسمه وتكوينه النفسي والبدني، وبالتالي سيصدر منه التقصير في أداء هذه الوظيفة مما يولد مشاكل  تلو المشاكل سواء كان على مستوى الأسرة أو المجتمع، وذلك يكون في عدة مواطن:

  •  أولًا: تأثيره على التناسل البشري

وهذا المؤثر يتحقق في أحد معاني الجندرية المثلية، وما لهذا الأثر من ضرر على المجتمع ما لا يخفى على أحد في هذا العالم.

  • ثانيا: تأثيره قانونياً

وهذا يتحقق في بعض الفقرات القانونية وكيفية التعامل مع هذا النوع بما هو حقيقة أنثوية أو ذكورية، فكل القوانين المتعلقة بهذا الجانب ستكون مربكة وبالتالي ستأثر سلباً على قوانين الدول بما لا يرتضيه كل عاقل في هذه الأرض.

  • ثالثاً: هدم الأسرة

وهذا يتحقق بطريقة التعامل من قبل المتحول مع زوجته، وأثر هذا التفاعل بسبب فقدانه للحس الحقيقي المتوفر بالجنس الذي انتقل إليه لعدم ارتباط المسألة بالمظهر الخارجي فقط، بقدر ما أنّ له ربط بالأعضاء والمشاعر وما إلى غير ذلك من الأمور المختصة بالرجل  والمرأة.

  • تأثيره على الفرد

أولًا: تكليف الفرد لنفسه بما لا يوافق وهندسته الوراثية، باعتبار أنّ اختياره لما يخالف جنسه وتحميله ما لا يقع على عاتق هذا الجنس المخالف لا ينسجم مع هندسة جيناته الوراثية، فالنوع الاجتماعي لم يكن محضياً بكلا الصفتين ولا لديه مزاجين، ولا هو ممن يتصف بصفات متعددة فيختار أيّا ما يشاء منها بقدر ما أنّه يتمتع بصفات الذكورية جينياً عند الذكر، والأنثوية كذلك عند الأنثى فقط، فكل خروج  عن هذه الطبيعة يكلف الكثير من المتاعب النفسية ولو بعد حين.

فمثل هكذا تصرف يُعد تلاعباً بالمعايير وخلافاً للتقدير الذي وضعه الله في استعداد ومورثات كل فرد، جاء في قوله  تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْ‌ءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً}، وما جاء في قوله تعالى: إِنا كُلَّ شَيْ‌ءٍ خَلَقْنٰاهُ بِقَدَرٍ}.

ثانياً: امتهان كرامة الفرد مع أنّ الله كرم بني أدم  كما جاء في قوله  تعالى: {ولَقَدْ كَرَّمْنٰا بَنِي آدَمَ}وهذا يكون من زاويتين:

الأولى: بتخليه عن واقعه الذي يعيشه في وسط مجتمع يرفض مثل هكذا ممارسات إن كان هذا المجتمع يلتزم بقيم معينة لا تتفق مع هذا التحول.

الثانية: يكون بفقدانه لشخصيته الحقيقية في موضع ضعف أمام نفسه ليزداد ضعفاً أمام المجتمع بما هو رجل فقد رجولته ليكون مُهاناً بهذا الضعف، وإن تخلق بخلق الرجال بالعنفوان، ومع تحوله لأنثى سيكون حينها موضع سخرية للنساء لعدم تمتعه بصفات الأنثى الحقيقية.

ثالثاً: آثار أخلاقية فتحول المرء لما يخالف جنسه يؤدي إلى تدمير لكيان الإنسانية من الناحية الأخلاقية، ولربما يؤدي إلى أمراض خطيرة تنمو في نفسه العدائية، مضافاً إلى آثار نفسية بسبب انفصاله عن المجتمع بل عن الأسرة أيضاً لما عليه من هيئة تخالف سجاياهم وتعاليمهم العرفية والدينية.

  • رابعاً: مشاكل فقهية

وهذه تظهر بما يترتب على الفعل من حرمة ذاتية أو عرضية وذلك بما يفعله المتحول أو من اختار نوعا جنسيّاً مخالفاً يقتضي بعض الأفعال المحرمة في جنسه الأصلي كمن لبس لباس النساء ومن عملت عمل الرجال في بعض المواطن، ولأهانته لنفسه في هذا التصرف لان لا قيمة للمتحول إن كان رجلًا يتصرف تصرفات المرأة بلباس رجل لكونه مسلوب الرجولة، ومضافاً للحرمة التي تترتب على إهانة المرء نفسه في مثل هكذا تحول يكون في الرجل  مخنثاً والمرأة مسترجلة.

⭐ تحول المرء لما يخالف جنسه يؤدي إلى تدمير لكيان الإنسانية من الناحية الأخلاقية، ولربما يؤدي إلى أمراض خطيرة تنمو في نفسه العدائية، مضافاً إلى آثار نفسية بسبب انفصاله عن المجتمع بل عن الأسرة أيضاً لما عليه من هيئة تخالف سجاياهم وتعاليمهم العرفية والدينية

لان لا كرامة لمن لبس ما يرتديه النساء من الذكر فيحرم عليه ذلك بالحرمة الأولية لتشبهه بالنساء كما ورد في أحاديث كثيرة عند الفريقين في أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال له حينما رأى عليه ثوبين معصفرين:”إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها“.

وكذلك ما ورد في الأثر في أنّ “رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل“.

وما  جاء عن ابن عباس قال:”لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال“.

  • أسباب الجندرة
  • أولًا: أسباب خارجية

وهذه تنقسم إلى قسمين:

منهاأتت من ثقافات خارجة عن نفس البلاد، وورائها أيادٍ خبيثة لا تريد بالشعوب خيراً فاستعمرت الشعوب فكرياً بعد غزوها عسكرياً.

والأخرى من داخل البلاد ولكنها لم تكن من ضمن عائلة الفرد، بل إنّها بثقافات منتشرة في نفس البلد الإسلامي زاغت عن هذا الدين بسبب الانبهار بالبهرجة الأوربية، وهذه أتت بسبب الغزو الالكتروني في عصرنا الحاضر، حيث إنّه دخل في كل بيت من حيث لا يعلم رب الأسرة.

  • ثانياً: أسباب داخلية

وهذه تنقسم إلى قسمين:

الأولى: نابعة من نفس الفرد وأخلاقه الميالة نحو الرذيلة ظناً منه أنّ ما يفعله عبارة عن انقلاب على الواقع الديني أو العرفي المعاش فراراً من هذا الواقع وميلًا نحو الرذيلة ليقع في مستنقعها.

الثانية: نابعة من تربية الفرد العائلية بترسيخ صفة الجنس الآخر فيه.

  • علاج هذه الظاهرة

علاج هذه الظاهرة يكون بعدة طرق:

أولًا: الاهتمام بالتربية والتعليم على مستوى البيت والمجتمع والمدرسة.

ثانياً: وضع فقرات في الدستور تحاسب على مثل هكذا  ظواهر بدلًا من تشريعها.

ثالثاً: ربط الفرد بالأعراف الصحيحة وتجذير واقع الرجولة في الذكور والأنوثة في الإناث، والابتعاد عن جعل مساحات ذكورية تتمتع بها الطفلة بارتداء بملابس الأولاد، وتكليفها بأعمالهم خارج البيت  مهما  كانت صغيرة، ولا العكس بأن تدع العائلة طفلها يتمتع بالمساحات الأنثوية  كان يُلبسونه ثياب البنات أو وضع الميكياج وتطويل الشعر.

عن المؤلف

السيد هاشم أمير الهاشمي

اترك تعليقا