فکر و تنمیة

الاكتناز القهري.. رغبة الانسان بالاحتفاظ بالقديم

يروي لي صديق ان والدته تحتفظ بملابسهم لسنوات طويلة وبدون تمييز بين النافع الذي يستخدم والمستهلك الذي لا ينفع بشيء، فما ان تفتح خزاناتهم حتى تزاحمك على باب الخزانة ملابس ومقتنيات اخرى، وحين يستفسر عن سبب الابقاء عليها تجيب بجملتها الشهيرة (بعدها جديدة لا تذوبها تفيدكم) بمعنى لا ترموها فلها يوم يمكن ان نستفيد منها، هذه السلوكية غيرالطبيعية تعرف بأضطراب (الاكتناز القهري)، فماهو الاكتناز القهري؟

وما هي مظاهره علاجه؟

 يعرف اضطراب الاكتناز بأنه: “صعوبة مستمرة في التخلص من المقتنيات أو التخلي عنها بسبب اعتقاد الانسان بحاجاته المستمرة للاحتفاظ بها، فقد ينتابه شعور بالضيق لمجرد التفكير في التخلص من الأشياء، ما يدفعه تدريجاً إلى اقتناء عدد مهول من الأغراض وتجميعها، بغض النظر عن قيمتها الفعلية ومدى الافادة منها”.

  • العلامات الدالة:

ببساطة يمكن الحكم على ان الفرد مصاب بهذا النوع من الاضطرابات، اذ تلحظ ان مكانه او مكان حزن الملابس والامور الاخرى انها مكتظة بمثل هذه الاشياء، مما يجعل المكان مزدحم شكل لا يدع إلا مسارات ضيقة متعرجة عبر أكوام من الفوضى المبعثرة التي توحي بأن من في المكان غير منظمين او انهم قذرين اجل الله القارئ الكريم.

هذا الحكم لم يأتِ من فراغ فمناظر الاشياء التي تتكدس على الطاولات والأحواض والمواقد والمكاتب والسلالم وجميع الأسطح الأخرى هي من تشي بهذا الامر، وهذه الفوضى تجعلك غير قادر على استخدام بعض الأماكن للأغراض المخصصة لها، فعلى سبيل المثال قد يصبح من غير الممكن الطهي في المطبخ مكان لخزن الكثير من اواني الطعام ذات الاستخدام الواحد او الاواني غير المفيدة في الوقت الراهن على اقل تقدير، وهذه الظاهرة موجود في الكثير من المطابخ العراقية سيما المطابخ التي يكون مسؤول عنها نساء كبار في السن.

⭐ يعرف اضطراب الاكتناز بأنه: “صعوبة مستمرة في التخلص من المقتنيات أو التخلي عنها بسبب اعتقاد الانسان بحاجاته المستمرة للاحتفاظ بها

المشكلة ان المصابين بإضطراب الاكتناز القهري لا ينظرون الى الامر بكونه مشكلة ويعدونه امراً عادياً وطبيعي وهو ما يجعل مسألة اقناعهم بمغادرة السلوكية صوب الشفاء معقداً الى حد بعيد، سيما اذا ما اتفقنا ان اولى مراحل العلاج هو الاعتراف بوجود المرض ومن ثم السلوكيات المضرة  حتى يتمكن  الانسان من عيش حياة أكثر أماناً وامتاعاً وحيوية مما لو عاش مصاباً بإحدى العلات النفسية المزعجة.

  • لمن الغلبة؟

النساء اكثر من الرجال اصابة بهذا الاضطراب الذي قد يصف البعض من يتصفون به بأنهم حريصين لكن الوصف غير دقيق مطلقاً، ولا اعرف حقيقة ازدياد نسب النساء على الرجال بهذه الجزئية المرضية ولم افهم السبب الحقيقي من وراءه، لكن ربما مهام النساء المنزلية تجعلها قريبة من امور المنزل وربما تجعلها تحتفظ بها اكثر لكون الرجال يقل تواجدهم في المنزل في العادة.

  • خروج عن القاعدة:

رغم الاتفاق العام حول ان السلوكية غير صحيحة وتدل على وجود خلل نفسي إلا  أن بعض الاكتناز يُعد طبيعياً وشاذاً عن قاعدة الاضطراب المرضي لأسباب بالارتباط بين نوع الحاجيات، وبين الذي اقتنوا هذه الحاجيات فيكون حفظها لهذه الذكرى، سيما اذا كانوا من المتوفين، او ان مثل هذه الحاجيات تُعد من الصناعات العريقة التي قد لا تتكرر لذا يجب الاحتفاظ بها، او انها الرغبة الانسانية النابعة من حرمة اهدار هذه الامور التي لم يقدر على شراءها الكثير من الناس لضعف الجانب الاقتصادي لديهم.

⭐ رغم الاتفاق العام حول ان السلوكية غير صحيحة وتدل على وجود خلل نفسي إلا  أن بعض الاكتناز يُعد طبيعياً وشاذاً عن قاعدة الاضطراب المرضي

يختلف اضطراب الاكتناز عن هواية الجمع، فالأشخاص الذين يحبون جمع أشياء معينة، مثل الطوابع أو نماذج السيارات، يبحثون بكل عناية عن تلك الأشياء، وينظمونها ويعرضون مجموعاتهم يمكن أن تكون المجموعات كبيرة، لكنها خالية من الفوضى في المعتاد، كما أنها لا تسبب شعور صاحبها بالحزن ولا تجعله يعاني من مشكلات في أداء المهام كما هو الحال مع اضطراب الاكتناز.

  • المعالجة:

يمكن ان نعالج اضطراب الاكتناز القهري عبر العلاج المعرفي السلوكي، اذ يمكننا عبره معرفة الاسباب الحقيقية الكامنة وراءه ومن ثم العمل على اقناعه بتعلم أساليب ترتيب وتصنيف الأشياء لتجنب شغلها مساحات كبيرة وذلك عبر تغير بوصلة التفكير بأن مثل هذه الاشياء غير نافعة وتذهب بجمالية المكان لذا من الافضل التخلص منها ومن اثارها النفسية المضرة، فلا علاج اخر يمكن ان ينفع مع مثل هذه السلوكية الغير طبيعية.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا