فکر و تنمیة

الأصدقاء على أشكالهم يقعون

مرة قرأت في منشور إلكتروني أثارتني كلماته، وتأثرتُ بشدة بمضمونه، سألتُ نفسي أولا لماذا تأثرتُ بهذه الكلمات بقوة، ما هو السبب، فأنا كما يصفني أبي عاشق القراءة، أقرأ كل ما يقع أمام عيني من كتب وصحف، وحين أدخل في العالم الإلكتروني أذهب إلى القراءة وأنشغل بها أكثر من انشغالي بالصور والأفلام وبكل الأشياء التي تمتلئ بها مواقع التواصل الاجتماعي، والحقيقة أنا لا أجبر نفسي على القراءة وإنما هي تستهويني كثيرا.

نعم أنا شاب شغوف بالكلمة، وأحب القراءة، وأبحث عن الكلمة وأنصرف كثيرا للبحث في معانيها، وغالبا ما أحاول تفسيرها تفسيرا إيجابيا، لكن يجب أن يكون التفسير الإيجابي على حساب دقة المعنى، فلا يصح أن أجمَل الكلمات القبيحة، بل أفسرها بحسب ما تعني من معنى، أما الكلمات المتذبذبة أو المتأرجحة بين الجمال و القبح، فأحاول أن أسحبها إلى الأفضل وليس إلى الأسوأ كي أعوِّد نفسي على حسن النيّة بالأشياء وبالناس.

⭐ أنا اخترت أصدقائي بدقة، وبمساعدة توجيهات أبي وحتى أمي لها دور مهم في اختياري لأصدقائي، لذلك كان معظم أصدقائي محبين للكلمة، راغبين بالتعلّم

المنشور الذي قرأته وأثار إعجابي يقول (الأصدقاء على أشكالهم يقعون)، وعرفتُ أن هذا القول متأثر بالجملة المعروفة (الطيور على أشكالها تقع)، ثم فكرت واستغرقت في تفكيري حول الجملة الأولى، وهل أصدقائي يشبهوني فعلا وكم هي درجة التشابه بيننا؟

حاولتُ أن أسترجع صداقاتي وكيف تمت، فأنا شاب تجاوز العشرين من العمر، ولي طموحات كبيرة، وأسعى إلى النجاح في حياتي، وليس كثيرا إذا قلت إنني وضعتُ أهدافا في حياتي أسعى لتحقيقها، منها القريب ومنها البعيد، واستحضرتُ أصدقائي واحدا بعد الآخر في خيالي، وبدأتُ أفكر بأقرب صديق لي وهل هو يشبهني بالفعل، فاكتشفت التالي:

–       أنا أحب القراء وهو يحبها كذلك.

–       أنا شاب مسالم وهو أيضا مسالم.

–       أحب مساعدة الناس خصوصا الفقراء وهو كذلك.

–       الأخلاق بالنسبة لي قمة في كل شيء وهو أيضا كذلك.

–       التعامل الإنساني مع الجميع أهم صفاتي، وهو أيضا يتصف بالإنسانية في سلوكه.

–       رد الجميل مقدس بالنسبة لي وصديقي يؤمن بهذا أيضا.

–       المساعدة بكل عنوانها المعنوية والمادية وبحسب المقدرة لن أتردد عن القيام بها، ويفعل هذا صديقي أيضا.

–       حين أغضب أبتعد عن الناس تماما، واصمت، إلى أن تزول غيمة الغضب من سماء روحي، وصديقي لم أره غاضبا في يوم ما.

–       أحب عالمي الذي أعيش فيه، ولا أميل للتصادم مطلقا، وأحرص على علاقات جيدة مع الجميع وصديقي المقرّب يفعل هذا أيضا.

بعد ذلك سألت نفسي إن صديقك هذا يشبهك بدرجة مكتملة، أو أقل بقليل من الدرجة المكتملة، ولكن درجة الشبه بينكما كبيرة، نعم إلى هذه الدرجة يمكن أن يكون التشابه بينكما، لأنكما صديقان صدوقان، والصديق الصدوق هو الذي يسعى لك كي تنجح مثلما يسعى هو للنجاح، وبهذا فإن الجملة التي قرأتها في المنشور المذكور سابقا تنطبق عليك، وأن الأصدقاء على أشكالهم يقعون بالفعل والقول والصدق.

⭐ إذا نجح الشاب في مساعيه لتطوير حياته وشخصيته، فإن السبب المهم هو الأصدقاء الجيدون، ولا سمح الله إذا فشل الشاب فإن الجزء الأكبر من السبب هو الأصدقاء الفاشلون

حاولت أن أسترجع مواصفات أصدقائي فوجدت معظمهم يحبون القراءة، وكلهم تقريبا من أولئك الشباب الذين لا يَقبلون إلا بالعلامات العالية في دروسهم، ومعظمهم يقدّسون الكلمة، ويحبون عائلاتهم، ويحسنون للجميع، إنهم شباب تأثروا ببعضهم، ونقلوا صفاتهم إلى بعضهم، لأن أفكارهم وسلوكياتهم صارت قريبة من بعضها.

صديقي الأقرب يسعى دائما أن يعلّمني بعض الكلمات اللطيفة، ويقول حاول أن تردّدها، ومضى على هذه الحال أياما، في كل يوم يأتي بمفردات وكلمات جديدة ويقول لي احفظها وحاول أن ترددها، ويشرح لي معنى بعض الكلمات التي لم أسمع بها سابقا أو لم أفهم ماذا تعني، ويطلب مني أن أنقلها إلى الشباب الآخرين، لأنها عمل صالح يدخل في ميزان الحسنات، أوافقه وأفعل ما يطلب مني، وفي النهاية يقول لي “الكلمة الطيبة صدقة”.

الأصدقاء على أشكالهم يقعون، أبي علّمني على ذلك قبل أن أقرأها في المنشور، فإذا نجح الشاب في مساعيه لتطوير حياته وشخصيته، فإن السبب المهم هو الأصدقاء الجيدون، ولا سمح الله إذا فشل الشاب فإن الجزء الأكبر من السبب هو الأصدقاء الفاشلون، لنحذر إذن من (اصدقاء السوء)، خاصة في مرحلة الشباب، وأخيرا أنا أذكِّر نفسي دائما بأن الأصدقاء على أشكالهم يقعون، فاختر أصدقاءَك بدقة ليكونوا سببا في نجاحك. أنا اخترت أصدقائي بدقة، وبمساعدة توجيهات أبي وحتى أمي لها دور مهم في اختياري لأصدقائي، لذلك كان معظم أصدقائي محبين للكلمة، راغبين بالتعلّم، وكلهم إنسانيون، في تعاملهم مع بعضهم ومع الناس الآخرين، الحرص في اختيار الأصدقاء يقرّب الشاب من النجاح والعكس صحيح، فقد ثبت من تجارب الحياة أن (الأصدقاء على أشكالهم يقعون).

عن المؤلف

حسين علي حسين/ ماجستير إدارة أعمال

اترك تعليقا