غير مصنف

تنمية الرجولة عند الأطفال الذكور

الكل يعلم بأن التربية هي مهارة وصياغة للشخصية وفق نمط تربوي سليم يسير على شكل خطوط متوازية مع عمر الطفل، فلكل مرحلة عمرية هناك أسلوب خاص للتعامل مع …

الكل يعلم بأن التربية هي مهارة وصياغة للشخصية وفق نمط تربوي سليم يسير على شكل خطوط متوازية مع عمر الطفل، فلكل مرحلة عمرية هناك أسلوب خاص للتعامل مع الأبناء مع الأخذ بنظر الاعتبار الشخصية الخاصة بكل طفل، التي تختلف عن الآخر إثر انطباع الجينات الوراثية في نفسه، ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن الطفل يختلف من حيث التعامل ببعض الأساليب باختلاف الجنس، وهو ما يخصنا في هذا المقال.

في الحديث عن تربية الابن الذكر تربية سليمة يصلح معها أن يكون حاملاً لمعنى الرجولة لا الذكورة، فكم من ذكر وهو من أشباه الرجال، وعليه تبدأ تربية الابن الذكر على الرجولة منذ نعومة أظفاره إلى مرحلة الشباب التي سنوضحها ببعض النقاط:

 

  • الأمر الأول: إشعاره بهويته الشخصية الذكورية

وهذا من خلال التعامل معه بما يتوافق ويتناغم مع فطرته التي فطره الله –تعالى- عليه و اندفاعاته التي يسلكها سليقة لكي ينضج السلوك الذكري عنده، والعكس تماماً عند التعامل معه بأسلوب التعامل الأنثوي والذي يجعله يخالف فطرته من قبيل تعامل بعض الأمهات معه كالأنثى من حيث لبسه وألعابه وصبغ أظفاره وقصات شعره ومناداته باسماء أنثوية حتى يترعرع وهو مقتبس لكل حركات الأنثى وطريقة كلامهن، الأمر الذي يؤدي به إلى أن يكون متناقضاً في نفسه وميوله، ويظهر ذلك جلياً عند بلوغه سن المراهقة، ويستمر حتى الشباب، حتى يصل الأمر بأغلبهم أن يكون من أشباه الرجال في تميعه وتخنثه ومواقفه السلبية والتي منها خذلان الحق والصديق.

 

  • الأمر الثاني: نبذ التنمر عليه يداً ولساناً

ففي الوقت الذي نربي أبناءنا على عدم الاعتداء على الآخرين، ينبغي أن نلتفت إلى أن لا يكون موقفه بالاتجاه السلبي دائماً، فعندما يتعرض إلى الضرب أو الإهانة من الآخرين، عليه أن لا يسكت ولا يدع نفسه محط استهزاء الآخرين من أقرانه، فنحن نرى بعض الأسر -للأسف الشديد- يفرح عند اعتداء ابنه على الآخرين تحت ذريعة أن المجتمع لا يعيش فيه إلا القوي، بالمقابل نرى الآخرين يأخذون الاتجاه السلبي فلا يدعون الابن يرد على من يعتدي عليه بحجة عدم الخوض في المشاكل، وكلا الأمرين من الأخطاء بطبيعة الحال ؛لأن تربيتنا السلبية بعدم الرد على من يعتدي على الابن، وعدم إيقاف المعتدي عند حده، سيجعل منه شخصية مهزوزة وخائفة، أميل إلى الجبن التي تتنافى مع شخصية الرجل، وسيكون محط استهزاء أصدقائه بأي وقت.

 

  • الأمر الثالث: ترك مساحة لشخصيته الثقافية

من خلال الحرية الإيجابية التي تتمثل بإطلاق حرية الاختيار لديه – ولا نقصد بأن نترك الحبل على الغارب- بتعلمه الألفاظ السيئة أو تحرك يؤذي نفسه من خلاله، بل نشاط حركي مدروس، كحرية اختيار بعض ألعابه، خاصة في أول سبع سنين، تلك التي يكون فيها الطفل “سيداً” وفق تعبير النبي الاكرم، صلى الله عليه وآله: “الولدُ سيِّدُ سبعِ سنين” لتنمية القدرة على اتخاذ القرار لديه بشكل نسبي بالأمور البسيطة التي لا تؤدي إلى ضرر عند إطلاق الاختيار له، وكذلك تعليمه قول “لا” واحترام بعض تمرداته، فلا ينمو بشخصية الأمر والطاعة دوماً ؛لأنه قد يتعرض مستقبلاً لأوامر لا ينفع أن يطيع فيها، فلو أمر الأب أن يرمي الابن النفايات في السنين السبع الأولى، ولم يمتثل الابن لذلك، على الأب احترام خصوصية رفضه لذلك الأمر، ولا ينبغي أن نطبق في هذه المرحلة العمرية الأولى صفة الطاعة العمياء لأوامر التأديب الفعلي التي تتمثل بسن ما بعد السابعة من العمر، يقول النبي الاكرم، صلى الله عليه وآله: “الولد سيّد سبع سنين وعبد سبع سنين ووزير سبع سنين”، فالأمر والطاعة هي من مستحقات المرحلة العمرية الثانية التي تبدأ بعد سبع السنوات التي قضاها سيداً ليكون مستعداً في مرحلته العمرية الثانية لتقبل التكاليف الدينية والتقاليد المجتمعية واحترام القانون.

 

  • الأمر الرابع: تنمية صفة الشجاعة

فمما لا شك فيه أن الشجاعة تنضوي تحتها الكثير من الفضائل كالصدق والكرم والوفاء والغيرة والحمية، وقد أورد صاحب كتاب جامع السعادات، الشيخ محمد مهدي النراقي علاجاً للجبن بقوله: “أن يحرك الدواعي الغضبية فيما يحصل به الجبن، فإن القوة الغضبية موجودة في كل أحد، ولكنها تضعف وتنقص في بعض الناس فيحدث فيهم الجبن، وإذا حركت وهيجت على التواتر تقوى وتزيد. ومما ينفع من المعالجات أن يكلف نفسه على المخاصمة مع من يأمن غوائله، تحريكا لقوة الغضب، وإذا وجد من نفسه حصول ملكة الشجاعة فليحافظ نفسه لئلا يتجاوز ويقع في طرف الإفراط”.

وإذا ترجمنا عبارة “مخاصمة من يأمن غوائله” في وقتنا الحالي تكون بمعنى إرساله لتعليم الفنون القتالية، ومواجهته لأحد المتدربين في مباريات رياضية آمنة كما هو المعروف لدينا في النوادي الرياضية الخاصة بالتدريب على الفنون القتالية، الى جانب تنمية الغيرة والحميّة عنده في غيرته على محارمه، وهي من الأمور المهمة أيضاً، لأن الغيرة هي الرحم الذي يولد منه حياء النساء.

 

  • الأمر الخامس: المهارات

وقد أكد ذلك أمير المؤمنين، عليه السلام بقوله: “علموا أولادكم السباحة والرماية”، فضلاً عن تشجيعه على تعلم مهارات و مهن، الى جانب التشجيع على الدراسة ومواصلة التعليم، ليكون عنصراً فعالاً في المجتمع، و كجزء من تعليمه؛ الاعتماد على نفسه في تحمل بعض المسؤولية التي تنمي الشخصية الرجولية السوية لديه.

 

  • الأمر السادس: المصادقة

وهذه المرحلة هي المرحلة الأخيرة من التربية التي تسبقها -كما أوضحنا- مرحلتان: الأولى التي يكون فيها سيداً، والثانية؛ المتمثلة بطاعته باستقباله التكاليف، ثم تتلوها المرحلة الثالثة، التي يصبح فيها وزيراً بتعبير حديث النبي، صلى الله عليه وآله: “و وزير سبع سنين، التي تكون بمصاحبة الأب لابنه عندما يكبر واستشارته في بعض القرارات لكي يشعر بأن عقله أصبح من النضج بما يمكن القبول بقراراته، وإشراكه الزيارات العائلية، وصلة الرحم، وفي مشاركة الناس أفراحهم وأحزانهم، وكيفية التصرّف بمحضر الجمع من الناس.

 

  • الأمر السابع: اختيار القدوة

وهذا الأمر غير مختص بمرحلة عمرية دون غيرها؛ فالقدوة لدى الابن مطلوبة في جميع المراحل العمرية، والقدوة الأولى لدى الابن هو الأب، ونحاول أن نرفق تلك القدوة بآخرين بشكل جزئي، كاختياره لحب الرياضة، وحب المطالعة من أحد أقربائه، فضلاً عن قدوة عامة سليمة ناجحة لها تأثير اجتماعي في المجتمع.

ومن هنا ينبغي أن تكون التربية للابن الذكر بهدف إنشاء رجل، لا من أشباه الرجال الذين يكونون سلبيين، و عاجزين عن تحمل مسؤولية أغلب واجباتهم، وتكون كل مؤهلاته أنه يحمل صفة الذكورة! من هنا؛ جعل الله –تعالى- القوامة للرجل لما يتمتع به من خواص تحمل المسؤولية تعجز عنها المرأة في كثير من الأحيان، لأن الله خلق الرجال بطبيعة خاصة قادرة على تحمل المسؤولية، وقادر على إدارة شؤون الأسرة من خلال قدراته العقلية، بما يضمن لها السعادة والحماية والأمان.

عن المؤلف

ضياء العيداني

اترك تعليقا