غير مصنف

لنحول وقت الفراغ الى سعادة

إننا نستطيع أن نجعل حياتنا أكثر غنى، ونزيد من رضائنا الشخصي، لو أننا ..؟؟

إننا نستطيع أن نجعل حياتنا أكثر غنى، ونزيد من رضائنا الشخصي، لو أننا خصصنا وقتاً للسعادة، وجعلنا هذه السعادة هواية نمارسها في وقت فراغنا وبانتظام.
ولكن..

  • ما هي هذه السعادة؟

وكيف الوصول إليها؟
هذه هي المشكلة إننا دائماً نبحث عن السعادة، بل وبعضنا من يقضي عمره كله في هذا البحث دون جدوى، بينما السعادة أقرب إلينا من حبل الوريد.
وتسأل: كيف؟
أقول: “إننا دائماً نزحم حياتنا بالصراعات، وإذا لم نجد ما نصارعه صارعنا مع أنفسنا، وأحياناً نعمق إحساسنا بالملل، والضيق والضجر والشكوى، وإذا لم نجد ما نشتكي منه شكونا من روتينية الحياة، فنوشك أن نقتل بذلك روحنا المعنوية ونعزل أنفسنا عن حقيقة الحياة ونحن نغمض عيوننا عن جوهر هذه الحقيقة الذي يقول إن السعادة توجد دائماً في الأشياء البسيطة التي حولنا والتي نتجاهلها غالباً لتفاهتها في نظرنا ونحن نتكالب على الصراع ضد كل الأشياء الهامة ومن أجلها.

إننا نستطيع أن نجعل حياتنا أكثر غنى، ونزيد من رضائنا الشخصي، لو أننا خصصنا وقتاً للسعادة، وجعلنا هذه السعادة هواية نمارسها في وقت فراغنا وبانتظام

ويروي لنا أحد المجربين الذين قضوا جزءاً كبيراً من حياتهم يبحثون عن السعادة على الطريقة التي اعتادها الناس والتي جعلتهم يؤمنون بأن السعادة لا وجود لها أو إنها حظ ليس للجميع، إنه يروي لنا هذه الحكاية ليؤكد لنا أن السعادة كالجمال هي ذاتها أساس وجوده وسببه، وإن بإمكان كل إنسان أن يمد يده ليأخذ منها ما يكفيه وفي الوقت الذي يشاء.

يقول الرجل: “ذهبت يوماً لزيارة أسرة اشتهرت بالتماسك والترابط العائلي وبالحب والود والتفاهم المتبادل بين كل أعضائها، حتى أطلقوا عليها لقب: أسعد أسرة في العالم، وتتكوّن هذه الأسرة من أب وأُم وخمسة أولاد، واخترت لزيارتي يوم عطلتهم لعلمي أنه اليوم الوحيد الذي تهدأ فيه دوامة العمل التي تبتلع هذه الأسرة طوال الأسبوع.

وعندما دخلت المنـزل وألقيت التحية، جاءني الرد على تحيتي من أكثر من مكان، فالزوج كان مشغولاً في أحد الزوايا هناك بصقل كرسي أثري. والزوجة كانت مسترخية على مقعد مريح تحملق في الفضاء الخارجي عبر إحدى النوافذ وكأنها تعد النجوم. أما الأولاد فقد كان كل منهم مشغولاً في شيء، فمنهم من كان يعيد ترتيب مجموعة من (البحص) كان قد جمعها من الحديقة. وآخر ينظم اليوم طوابع البريد وهكذا.

إن كل انسان مقومات السعادة وأسبابها، ولكن أكثر الناس يعتقدون بأن الأشياء البسيطة تافهة وسخيفة ومن السذاجة أن يتوقف الإنسان عندها ويترك وقته يضيع سدى دون أن يبحث عن الأشياء المهمة

ولم يعبّر أحد من أفراد الأسرة المنهمكين عن شعوره نحو زيارتي المفاجئة لهم هذه إلاّ بهزّة رأس من بعيد أو ابتسامة عاد بعدها فوراً إلى الانهماك فيما يشغله.
اقتربت من الزوج لأتأمل ماذا يفعل بإعجاب ثم دار بيننا هذا الحوار:
قلت له: إنني اخترت هذا اليوم بالذات لزيارتكم لعلمي بانشغالكم باقي أيام الأسبوع.
فقال: حسناً، لكن هذا اليوم أيضاً من الأيام المهمة..
فليس لأنه عطلتنا الأسبوعية فإنه يصبح أقل أهمية من أيام العمل، أو نجعله نحن كذلك لسلبيتنا وإلقاء أنفسنا في جوف الملل، إنك كما ترى قد أسعدتنا زيارتك لنا اليوم، لكنك لن تجد لدى أحد منّا شيئاً يثيره أكثر من ممارسة هوايته المفضلة في هذا اليوم من كل أسبوع، إننا نسميه (يوم السعادة)، نأخذ قسطاً من السعادة خلال استمتاعنا بأداء هذه الأشياء البسيطة التي يهواها كل منّا، إن زوجتي مثلاً كما ترى لا تجد سعادة تضاهي سعادتها في الاستمتاع بجلسة تأمل هادئة مع نفسها عبر الفضاء، وأنا أسعد أوقاتي هي التي أقضيها مع القطع الأثرية أعيد صقلها وبريقها والأولاد كذلك لكل منهم هواية يمارسها في هذا اليوم ولا نسمح لشيء أي شيء بحرماننا من متعة استخلاص السعادة من هذه الأشياء البسيطة حتى نبقى سعداء طوال أيام الأسبوع.

  • ثم أكمل الرجل حكايته لنا فقال:

لم أكن أدرك حتى تلك اللحظة التي التقيت خلالها بهذه الأسرة السعيدة، إنني أمتلك مقومات السعادة وأسبابها كأي إنسان لأنني كنت أعتقد بأن الأشياء البسيطة تافهة وسخيفة ومن السذاجة أن يتوقف الإنسان عندها ويترك وقته يضيع سدى دون أن يبحث عن الأشياء المهمة”.
وبذلك عرفت أن السعادة يمكن أن يجدها الإنسان في عملية جمع «البحص» إذا كان هو يهوى ذلك.
فدع عنك الضجر والملل وأنت في وقت فراغك، بل خطط للحصول على السعادة من خلال تطوير المهارات وممارسة الهوايات.

عن المؤلف

آية الله السيد هادي المدرسي

اترك تعليقا